المدرس المساعد زيد سعدي حمدي

أن ظاهرة التسول من الظواهر الخطيرة، وقد زادت هذه الظاهرة في المجتمع العراقي بعد فترة الاحتلال، ورغم غياب قانون الجريمة الإلكترونية في القانون العراقي على أرض الواقع، إلا إن جريمة التسول الإلكتروني تدخل في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل، ضمن النصوص الخاصة بجريمة (التسول) والتي جاء في المادة (390/أولاً) منه حيث نصت على أنه (1ـ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر كل شخص أتم الثامنة عشر من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولاً في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون أذن منزلاً أو محلاً ملحقاً به لغرض التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة إذا تصنع المتسول الإصابة بجروح أو عاهة أو استعمل أيه وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب أحسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو ألح في الاستجداء. 2ـ إذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة من عمره تطبق بشأنه أحكام مسؤولية الأحداث في حالة ارتكاب المخالفة)، وبالنسبة للمتسول الذي لم يتم الثامنة عشر من عمره فقد نصت المادة (391) من قانون العقوبات العراقي على أنه ( يجوز للمحكمة في الحكم على المتسول بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة أن تأمر بإيداعه مدة لا تزيد على سنة داراً للتشغيل وأن كان قادراً على العمل ولا مال لديه متى كان التحاقه بالمحل له ممكناً).
كما يلاحظ عدم ذكر مصير الأموال التي جمعها المتسول عن طريق التسول ( الإلكتروني أو التقليدي)، وهذه ثغرة في القانون يجب سدها، لأننا نلاحظ انتشار كبير لهذه الظاهرة واغتناء أفراد كثيرين بسببها لامتهانهم حرفة التسول، وأن التسول الإلكتروني هو من باب (الاحتيال) ولو قبلنا بنود قانون العقوبات العراقي لوجدنا أن المادة (456) عالجت هذه الجريمة ونصت على أن ( 1ـ يعاقب بالحبس كل من توصل إلى تسلم أو نقل حيازة مال منقول للغير لنفسه أو إلى شخص آخر وذلك بإحدى الوسائل التالية. أـ باستعمال طرق احتيالية. ب باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة أو تقرير أمر كاذب عن واقعية معينة متى كان من شأن ذلك خدع المجنى عليه وحملة على التسليم). والملاحظ في هذه النصوص أنها حدوث الأموال المأخوذة بالأموال المنقولة فقط.
إلا أن الفقه اختلف في تعريف التسول الإلكتروني، فالبعض عرفه بأنه( طلب المال واستجداء عاطفة مستخدمي مواقع التواصل بطريقة إلكترونية، بدلاً من الطريقة التقليدية التي تكون بشكل مباشر في الشارع، وعند الجوامع، أو في بعض المناسبات. وتتميز هذه الطريقة بأن المتسول مجهول الهوية والاسم والمكان والمكانة الحقيقية، كما تتميز بعدم بذل جهد، وسرعة في الطلب). وكما يعرفه البعض الأخر بأنه ( هو الاستعطاء طلب الصدقة من الناس باستخدام وسائل مختلفة لاستدرار العطف والشفقة)، وأيضاً يعرف التسول الإلكتروني بأنه ( وسيلة لجمع المال بوسائل التواصل الاجتماعي دون أن يتعرف أحد على هوية المتسول الحقيقية ولا مكانته الاجتماعية، وهذا الأمر يجنبه الخزي الذي قد يلحق المتسولين التقليديين).
ومن خلال ما تقدم ان الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، يجب أن يقع على عاتق هيئة الاتصال والإعلام، مسؤولية متابعة الصفحات التي تروج لتلك الحالات، والتأكد من مدى صحتها، لأنَّ هناك عصابات جريمة منظمة تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لكسب الأموال، عن طريق استغلال الحالات الإنسانية لبعض الأشخاص، لاسيما أنَّ العراق يفتقر إلى قانون خاص بالجرائم الإلكترونية، التعرف على دور خوارزميات المنصات الاجتماعية في انتشار ظاهرة التسول الإلكتروني. على المشرع ضرورة إضافة نص جديد في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل، ينص على معاقبة كل شخص يتسول باستخدام الأجهزة الإلكترونية بالحبس مدة لا تقل عن خمسة سنوات أو بغرامة تزيد على خمسة ملايين دينار عراقي.