مقال ( المسؤولية المدنية الناشئة عن الاخلال بالالتزام بالإعلام في ظل قواعد قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة (2010) النافذ (نظرة بين الواقع والمأمول))
لكاتبه: المدرس المساعد محمود عادل محمود
الوضع الراهن للمسؤولية المدنية الناشئة عن الاخلال بالالتزام بالإعلام في ظل قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة (2010):
من خلال مطالعة نصوص قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة (2010) لم نتوصل إلى نص صريح يشير إلى موضوع المسؤولية المدنية الناشئة عن الأخلال بالالتزام بالإعلام، أنما فقط عثرنا على نص المادة (8) من القانون، التي اشارت إلى أنه: "يكون المجهز مسؤولاً مسؤولية كاملة عن حقوق المستهلكين لبضاعته أو سلعته أو خدماته، وتبقى مسؤوليته قائمة طيلة فترة الضمان".
في حقيقة الأمر أن هذا النص غير مفهوم بالإطلاق، حيث لم يبين المشرع العراقي عن أي أمر يكون المجهز مسؤولاً، وما هو نوع المسؤولية، وما هي فترة الضمان!
واقع القانون المتقدم، يلزمنا في هذه الحالة الرجوع إلى القواعد العامة المختصة بالمسؤولية والواردة في القانون المدني؛ بمعنى أخر، إنَّ التكييف القانوني للمسؤوليَّة المدنيَّة الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام، يتأرجح بين المسؤوليَّة التقصيريَّة والعقديَّة، بحسب الخطأ الصادر من الممتهن فيما اذا كان قبل ابرام العقد أم اثناء تنفيذه، وعبر تحقق اركانها من خطأ، وضرر، وعلاقة سببيَّة بين الخطأ والضرر.
وبالرغم من أهمية قواعد المسؤولية المدنية الواردة في القانون المدني، الا أننا لدينا بعض الملاحظات على هذا الموضوع: فنحن اليوم نعيش في عصر العولمة، الكون فيه اصبح عبارة عن قرية كونية صغيرة، يمكن لأي شخص أن يتصل بشخص أخر في أي مكان في العالم بمجرد كبسة زر واحدة، فكيف يعقل أن قانوناً صدر في سنة (2010) (وهو قانون حماية المستهلك) يرجع إلى قانون أخر صدر في سنة (1951) (وهو القانون المدني)، فبالرغم من أهمية قواعد القانون المدني الا أنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان؛ فإثبات خطأ الممتهن – صانعاً كان أم موزعاً – في ظل القواعد المتقدمة (اي قواعد القانون المدني) صعب جداً، سيما واذا اخذنا في الاعتبار التطور التكنولوجي، والمركز القوي الذي يتمتع به الممتهن لناحية امتلاكه الكثير من المعلومات حول المنتجات التي يقوم بإنتاجها أو توزيعها بالمقارنة مع المستهلك الذي لا يعرف أي شيء عنها؛ فكيف مثلاً لمستهلك يشكو من عدم كفاية البيانات والمعلومات الّتي قُدِّمت له، في حين أنَّه هو أصلاً يجهل، وبصورة تامَّة، كلّ ما يتعلق بالشيء الذي تعاقد عليه، فالإثبات هنا عسيراً جداً.
لهذه الاسباب، ومن هذا المقام، ندعو المشرع العراقي إلى إعادة النظر في موضوع المسؤولية المدنية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام في مجال قانون حماية حق المستهلك.
– الوضع المأمول للمسؤولية المدنية الناشئة عن الاخلال بالالتزام بالإعلام في ظل قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة (2010):
تبين لنا مما تقدم، أن المشرع العراقي في قانون حماية حق المستهلك قد اعتمد في موضوع المسؤولية المدنية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام على القواعد العامة الواردة في القانون المدني، وتبين لنا مدى صعوبة اثبات اخلال الممتهن في الالتزام بالإعلام بالنسبة للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العملية التعاقدية إذا ما قورن بالممتهن؛ لذا يجدر بنا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الخلل التشريعي وبالتالي لابد من البحث عن حل لهذا الأمر.
نعتقد أن الحل في هذه الحالة، يكون: عبر التدخل المباشر من قبل المجلس التشريعي من خلال تكريس المسؤوليَّة الموضوعيَّة عن المُنتجات في قانون حماية المستهلك رقم (1) لسنة (2010) بصورة صريحة وواضحة، بحيث تنعقد مسؤولية الممتهن بقوة القانون، وبمجرد حصول الضرر للمستهلك الناشئ عن التدخُّل المادي للسلعة أو المُنتَج المبيع، ومن دون الحاجة إلى إثبات هذا المستهلك الخطأ الصادر من هذا الممتهن، مع إعطاء الحق لهذا الأخير في أنْ يدفع عن نفسه هذه المسؤوليَّة بكافة وسائل الإثبات، كالقول مثلاً: إنَّ الضرر الّذي أصاب المتضرِّر لا يرجع إليه، إنَّما يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، وأنَّه قام بالوفاء بالإعلام بصورة مكتوبة، ووافية، وواضحة، وظاهرة، ومثبَّتة على هذه السلع أو المنتجات