يتميز عقد الاشغال العامَّة باعتباره من العقود الإداريّة بمُميزات لا مثيل لها في اطار القانون الخاص، ومن ضمن هذه المُميزات (تشكيل لجان الاسراع) في حال تلكّؤ المقاول عن انجاز الاعمال الموُكلة إليه، وفي هذا الخصوص نصَّت المادة (١٠/ثانياً/١) من تعليمات تنفيذ العقود الحكوميّة رقم (٢) لسنة (٢٠١٤) على أنَّه: “إذا أخل المقاول في المراحل النهائية لتنفيذ العقد فلجهة التعاقد تشكيل لجنة اسراع لتنفيذ الاعمال المُتبقية على حساب المقاول ويكون المقاول مُمثلا فيها، وتفرض التحميلات الإداريّة المنصوص عليها في البند (ثالثا) من هذه المادة”.
ومن مطالعة وتحليل هذا النص، يُفهم أنه في حال تلكَّأَ المقاول في انجاز الاعمال الموُّكلة اليه، يحق لجهة التعاقد توليِّ انجاز العمل عن طريق لجنة تُشكل لهذا الغرض يكون المقاول ممثلاً فيها، غير أنَّ هذه التعليمات لمْ تُحدّدْ النسبة الّتي يجب أن يكون عليها العمل لإمكانيّة اتخاذ اجراء تشكيل لجنة الاسراع، إنّما يُترك الامر للسلطة التقديريَّة لجهة التعاقد بحيث تتخذ هذا القرار وفق المُدة المتبقية وامكانيّة انجاز الاعمال في ضوء تلك المدة.
ويُثار السؤال في هذا الصدد عمّا اذا كان تنفيذ الاعمال المُتبقية من قبل لجنة الاسراع في جهة التعاقد اجراءً اختيارياً من قبل جهة التعاقد أم أنَّه التزام اجباري؟
لمْ تتضمنْ تعليمات تنفيذ العقود الحكوميّة رقم (٢) لسنة (٢٠١٤) والضوابط الملحقة بها وكذلك الوثائق القياسيّة واعمامات وزارة التخطيط ذات العلاقة أيّ اجابة على هذا السؤال. غيرَ أنَّه يُستشف مما ورد في المادة (١٥/٢/ أولاً/ ل) من الجزء السادس (الشروط العامَّة لعقود تنفيذ الأشغال) من الوثائق القياسيّة للمشاريع الصغيرة – في الجزء المتعلّق بسحب العمل – الّتي نصَّت على أنَّه: “إذا أخفق المقاول في تنفيذ التزاماته التعاقديّة وتجاوزت نسبة الانحراف (40%) وفقاً لجدول تقدُّم العمل ما لمْ يكنْ العمل في مراحله النهائيّة أو لمْ يكنْ بمقدور جهة التعاقد تشكيل لجان الاسراع أو رفض المقاول تمثيله في هذه اللجان”. وكذلك المادة (١٥/ثانياً) من الجزء السادس من الوثائق القياسيّة للمشاريع الصغيرة (الشروط العامَّة لعقود تنفيذ الأشغال) الّتي نصَّت على أنَّه: “ويحق لصاحب العمل عند اخلال المقاول في تنفيذ اعمال المقاولة ووصول العمل الى المراحل النهائيّة ووجود قدرة لدى جهة التعاقد على تنفيذ باقي الاعمال فلجهة التعاقد تشكيل لجنة اسراع”. وكذلك ما ورد في الفقرة (٢/أ) من اعمام وزارة التخطيط/ دائرة العقود الحكوميّة العامَّة/ قسم الاستشارات والتدريب ذي العدد (١٦١٣٤) الصادر بتاريخ (٨/٧/٢٠١٧)، الّتي نصَّت على أنَّه: “إذا كان العمل في مراحله النهائيّة فيتم تشكيل لجان الإسراع وحسب الضوابط رقم (19) الصادرة من وزارة التخطيط/ دائرة العقود الحكوميّة العامَّة بهذا الشأن”. أنَّ تشكيل لجان الاسراع لتنفيذ الأعمال المُتبقية يكون اجراءً واجباً على جهة التعاقد، ويدعم هذا الرأي ما أشارت إليه الفقرة (١) من اعمام وزارة التخطيط ذي العدد (٤/٧/٢٧٢٧٢) الصادر بتاريخ (٢٨/١١/٢٠١٨) الّتي بينت بأنَّه: “على جهات التعاقد التروي وعدم اصدار قرار سحب العمل ما لمْ يتمْ التأكد أولاً من حصول اخلال من قبل المتعاقد …. مع عدم إمكانية إيجاد حل بديل أخر غير قرار سحب العمل”. وترتيباً على ما سبق، تلتزم جهة التعاقد بعدم اللجوء إلى اجراء سحب العمل إلّا بعد استنفاد كافَّة الطرق والوسائل الّتي تحول دون ذلك والّتي من ضمنها تشكيل لجنة اسراع تتولى انجاز العمل، على أن يتم ما سبق في ضوء ما تضمنته الضوابط رقم (١٩) الملحقة بتعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة (2014) وبدون الالتزام بالسقوف الماليّة المذكورة بتعليمات التنفيذ أمانة استناداً إلى ما ورد في الفقرة (عاشراً) من الضوابط المذكورة آنفاً، والمادة (1/ أوُّلاً/د) من التعليمات رقم (3) لسنة (2022) المتعلّقة بتنفيذ الأعمال بأسلوب التنفيذ أمانة.
د. محمود عادل محمود
عضو هيئة التدريس في كليّة القانون والعلوم السياسيّة/ جامعة ديالىعضو سابق لدى نقابة المحامين العراقيين