الاثر الرجعي في القانون الدولي الخاص
م. د. رغد عبد الامير مظلوم Raghadabed333@gmail.com
ان اعلان احد الاطراف فسخ العقد الدولي يؤدي بالنتيجة الى اثر وهو إعادة المتعاقدين الى الحال التي كانا عليها قبل التعاقد اي تحرير المتعاقدين من التزاماتهم التي كانا يرتبها عليهما العقد قبل الفسخ . فإذا كان احد المتعاقدين قد نفذ التزاماته كلها او بعض منها يمكن له طلب استرداد ما اداه الى الطرف الاخر وهي نتيجة طبيعية اذ متى زال العقد وجب اعادة المتعاقدين الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد . وقد نصت اتفاقية فينا 1980 على الاثر الرجعي للفسخ وذلك في نص المادة (81/2).
وفي المقابل كان للمشرع العراقي ايضاً دوراً في النص على الرجعي لفسخ العقد ، وذلك في نص المادة (180) من القانون المدني العراقي ، إذ نصت على انه: "اذا فسخ عقد المعاوضة الوارد على الاعيان المالية او الفسخ سقط الالتزام الذي كان مترتباً عليه فلا يلزم تسليم البدل الذي وجب بالعقد ، وان كان قد سلم يسترد فإذا استحال رده يحكم بالضمان" .
ومن خلال مقارنة النصين المتقدمين يفهم انه ألا اذا كان العقد كلاً او جزءاً منه قد تم الوفاء به من قبل كلا من الطرفين او احدهم ثم تم فسخ العقد بعد ذلك ، مثال ذلك : إذا سلم البائع البضاعة وتخلف المشتري على اداء الثمن في ميعاده فأعلن البائع الفسخ ، كان من حقه استرداد البضاعة التي سلمها ، وكذلك اذا ادى المشتري الثمن وتخلف البائع عن تسليم البضاعة في الميعاد او سلم بضاعة غير مطابقة فأعلن المشتري الفسخ كان من حق المشتري استرداد الثمن الذي اداه .
واذا كان كلاً من الطرفين قد نفذ جانباً من التزامه كما اذا سلم البائع جزءاً من البضاعة ودفع المشتري ما يقابل هذا الجزء من الثمن ثم اعلن احدهما الفسخ فصار لكل منهما حق استرداد ما اداه وجب تنفيذ الرد في الجانبين في وقت واحد ، ومعنى هذا ان كل منهما حق حبس ما يجب عليه رده حتى يستوفي ما يحق له قبضه وهذه من صور الاتفاقية على مراعاة التوازن بين طرفي البيع . وتبنت اتفاقية لاهاي 1964 الاثر الرجعي للفسخ في المادة (78/2) ، إذ منحت المتعاقد الذي قام بتنفيذ التزامه كله او جزء منه الحق في طلب استرداد ما اداه وسعياً منها الى التوازن العقدي .
واخذت مبادئ العقود التجارة الدولية unidroit بهذا الاثر في نص المادة (7-3-6) فقرة (1) ، كما حرصت اغلب التشريعات ومنها العراق ومصر على الاخذ بهذا الاثر فبعد تقرير حق الفسخ يصبح العقد لا وجود له وكأنه لم يكن بالتالي يجب ازالة ومحو كل الاثار التي رتبها من يوم انعقاده ويقتضي هذا الامر ان يرد كل متعاقد ما تلقى من المتعاقد الآخر تنفيذ العقد المفسوخ. فقد يكون الدائن قد تلقى بعض الاداءات من المدين كتنفيذ جزئي للعقد مثل فسخه وفي هذه الحالة بما ان العقد يعتبر قد زال بأثر رجعي نتيجة فسخه يجب عليه رد ما تلقاه من المدين ، لأن المبرر القانوني الذي كان يسوغ له الاحتفاظ به قد انتقى ومن ثم فلا يجوز له ان يحتفظ به وإلاّ كان حكمه حكم من قبض غير مستحق وللدائن في الوقت نفسه الذي هو مطالب فيه برد ما قبضه من المدين ان سيرد ما كان قد قدمه لمدينة كتعبير للعقد قبل فسخه لانه كما اوجب عليه القانون رد ما اخذه اعطاه الحق من جهة اخرى في استرداد الاداء الذي كان قد قدمه تطبيقاً لقاعدة الفسخ واعادة المتعاقدين الى ما كان عليه قبل التعاقد وهذا بحسب ما نصت عليه المادة (180) مدني عراقي والتي سبق ذكرها ، وهذه المادة تقابلها المادة (160) مدني مصري.