اعداد: أستاذ مساعد دكتور: حيدر نجيب أحمد فائق المفتي
Almoftyalmofty3@uodiyala.edu.iq
تمثل الانتخابات ركيزة أساسية للحياة والنظام الديمقراطي في كل مجتمع يعترف بالشراكة الوطنية في إدارة دفة الحكم في الدولة العراقية، ولا يخفى في هذا المجال الأهمية والدور الفعال للجهات ذات العلاقة والعاملة في الإدارة العامة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ولعل من أهمها مجلس المفوضينالذي يمثل النواة الحقيقية لعمل ونشاط هذا الجانب الحيوي الديمقراطي في العراق وما يتصل بنشاط مجلس المفوضين من تنظيم قانوني محدد في اطار النصوص القانونية والاحكام الواردة في قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 31 لسنة 2019، وهذا ما يستوجب بمنظورنا القانوني المتواضع من توضيح وتفسير قد يكون نافعا في اطار عمل ونشاط المفوضية الموقرة وما يتصل بذلك من صلاحيات واسعة ومهمة للمجلس المعني مدار هذه الدراسة والذي سنحاول التطرق اليها قدر الإمكان للإلمام والتعريف بها وبشكل عام لعدم كفاية المساحة لتفاصيل أخرى تتعلق بنفس المجلس.
بداية نرى ضرورة إعادة النظر بصياغة محتويات الفصل الثاني من القانون المحددة اوصافه في مقدمة هذه الدراسة، حيث تضمن تحديد مكونات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهي تتألف من (مجلس المفوضين، الإدارة الانتخابية) بينما خصص نفس الفصل في مجمل احكامه وحتى الفصل الثالث من نفس القانون لما يتعلق ويتركز على العضوية والصلاحيات وغيرها لمجلس المفوضين فقط ثم بعد ذلك ينظم القانون احكام عن (الإدارة الانتخابي) في فصل مستقل رابع، وكان الأفضل برأينا هو عدم درج المصطلح الأخير ضمن الفصل الثاني تحديدا لأنه كان وبشكل صريح ودقيق مخصص فقط لمجلس المفوضين دون غيره وبذلك يفضل ان يوضع مصطلح الإدارة الانتخابية بمادة مستقلة سابقة قبل الفصل الثاني وتتضمن مكونات المفوضية الموقرة.
من الناحية النظرية والعملية يلاحظ ان مجلس المفوضين له صلاحيات وسلطات متنوعة إدارية ومالية ذات أهمية في نشاط المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبدونها لا يستقيم النشاط في المفوضية، ولعل من أبرزها هو جانب المصادقة لنفاذ ومشروعية العملية الانتخابية ابتداء مثل المصادقة على السجل الخاص بقوائم الناخبين وكذلك سجل الكيانات السياسية وقوائم المرشحين للانتخابات وما يتصل باعتماد المراقبين للعملية الانتخابية والوكلاء للكيانات السياسية وحتى الإعلاميين وغيرهم، فالمجلس له دور فعال سابق للانتخابات وبدون هذه الإجراءات الشكلية والموضوعية لا تتصف الانتخابات بالمشروعية، فالمصادقة هي شرط أساسي للخوض في الانتخابات وسلامة العملية السياسية مستقبلا وهذا ما يتضح من صراحة الإرادة التشريعية في هذا الاتجاه بالتركيز على مطلح المصادقة حرفيا وربطه بنشاط المجلس نفسه، يضاف لذلك فان المجلس هو الجهة المعنية أساسا في المصادقة على نتائج العد والفرز ونتائج الانتخابات والاستفتاء بعد مصادقة الجهات القضائية المختصة عدا نتائج انتخابات المجالس النيابية لأنها خاضعة لمصادقة المحكمة الاتحادية العليا، كما يحدد المجلس صياغة الأنظمة والتعليمات الخاصة بضمان النزاهة عند مباشرة العملية الانتخابية وكذلك النظام الداخلي للمفوضية وجاء النص التشريعي عن كل ذلك عاما من دون تقييد وحسنا فعل المشرع العراقي في هذا الاتجاه في منح السلطة التقديرية للمجلس، ويتوسع المشرع لأبعد من ذلك في تخويل نفس المجلس لاختيار رئيس الإدارة الانتخابية من بين أعضائه والذي يشغل هذا المنصب لمدة سنة غير قابلة للتجديد وما يلحق بذلك من صلاحية المصادقة على التعيين لمن يشغل الدرجات الوظيفية العليا وحتى الهيكلية المتصلة بذلك، ويحدد المجلس الطريقة المناسبة للغة الرسمية لنشر القرارات مع اعداد التقارير التي يجب تقديمها الى مجلس النواب عن نشاطه ويبدو ان ذلك نشاط وظيفي لا رئاسي، هذا ويضطلع المجلس بمهمة نشر الثقافة الانتخابية والوعي من دون ان يحدد القانون بالنص التشريعي ماهية الالية المعتمدة في هذا المجال لتحقيق هذا الهدف وهذا ما نجده بحاجة الى إعادة الدقة في الصياغة التشريعية نظرا لأهمية هذا الدور الفعال في نجاح العملية الانتخابية، ويتمتع رئيس مجلس المفوضين بصلاحيات الوزير في إدارة عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يضاف الى ما تقدم ان للمجلس صلاحيات مالية ولكنها برأينا تتصف بالضيق مقارنة للصلاحيات الإدارية السابقة ومنها رسم السياسة المالية للمفوضية والتي لم يحدد المشرع لها معايير معينة نجد أهمية ذكرها في النص التشريعي نظرا لاتساعها واهميتها في العملية الانتخابية وما لها من اثار مالية وإدارية وقانونية أيضا، كما ان للمجلس صلاحية منح المخصصات والتي تكون محددة بالنص القانوني الصريح لأعلى مستوى فيها من دون الدخول في تفاصيل أخرى والتي تترك للسلطة التقدير للمجلس الموقر.
وفي الواقع يمكن ملاحظة التداخل في صياغة النصوص القانونية بين ما هو صلاحية للمجلس إداريا وماليا ضمن الفصل الثاني والذي يفترض ان يكون مخصص لهذا الجانب وفقا للعنوان وجوانب القانون للصياغة اللفظية وبين ما يتعلق بالعضوية في المجلس نفسه، بل ان من الصياغات ما لا ينسجم مع الصلاحيات لخصوصيتها بالعضوية فقط، فكان الأفضل باعتقادنا لا اعتراض على اتجاه المشرع ولا رأي المختصين في هذا المجال بمراعاة هذه الجوانب عند صياغة التشريع المعني مدار الدراسة.
في نهاية المطاف لهذه الدراسة القانونية المتواضعة نلاحظ الدور البارز والفعال لمجلس المفوضين بحكم النصوص القانونية الصريحة إداريا وماليا وما في ذلك من اثار إيجابية في تحقيق المصلحة العامة والوطنية وبما ينسجم والتوافق للعملية السياسية في المجتمع العراقي الديمقراطي وبما ينسجم مع اهداف المشرع العراقي، فبدون المجلس المعني لا يستقيم عمل ونشاط المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ونرى ضرورة إعادة النظر بالتنظيم والتوحيد والتنسيق بشكل اكثر دقة وبتفاصيل أخرى إضافية لاستكمال الاحكام القانونية في نفس النصوص التشريعية ذات العلاقة بصلاحيات المجلس في القانون رقم 31 لسنة 2019…ومن الله تعالى التوفيق.