اعداد: الأستاذ المساعد الدكتور: حيدر نجيب أحمد المفتي
بعيدا عن التظلمات الإدارية والطعن القضائي الإداري ضد القرارات الإدارية المخالفة للقانون او للاعتقاد بإجحافها وانتهاكها للحقوق أو الاعتداء على المصالح للأفراد وحتى الموظفين، نجد اعتراف المشرع القانوني الإداري الروسي بحالة او وضع قانوني تضمن إمكانية اجراء المصالحة او التصالح في مجال النزاعات الإدارية بعد رفع الدعوى او المطالبة الإدارية امام المحكمة المختصة ووفقا لتنظيم قانوني قضائي في قانون الإجراءات الإداري في روسيا الاتحادية، وفي الواقع وبرغم غزارة التشريعات الإدارية في العراق فإننا لم نجد أي إشارة لمثل هكذا تنظيم إيجابي واقعيا لسرعة حل النزاعات الإدارية ونخص بذلك العلاقة القائمة بين الجهات الإدارية والافراد وبغض النظر عن نوع النشاط والخدمات المقدمة، فقد تضمن قانون الإجراءات الإدارية للاتحاد الروسي N21-FZ بتأريخ 8-3-2015 تنظيم لآلية ووضع قانوني تحت عنوان (التوفيق بين الطرفين، الاتفاق على المصالحة بين الطرفين) في نص المادة 137 منه والمادة 46/4 و6، بحيث تضمنت المواد القانونية من نفس القانون المحدد سابقا في أعلاه على عدة احكام تتلخص بإمكانية حل النزاع الإداري وبشروط قانونية لعقد المصالحة الإدارية قضائيا وانهاء النزاع الإداري عن طريق محكمة الموضوع المختصة ومن دون الحاجة للاستمرار بالنزاع الإداري قضائيا وبما يحقق الفائدة باختصار الوقت والجهد والتكاليف لطرفي النزاع وعلى المحكمة أيضا، ويجب لعقد المصالحة الإدارية ان تتعلق بالحقوق والالتزامات موضوع النزاع نفسه وان تتم على مستوى من السرية والتعاون والمساواة بين الخصوم في الدعوى او القضية الإدارية وأن المحكمة تقرر إيقاف السير بنظر الدعوى موضوع المصالحة لفترة محددة لازمة لإتمام الصلح وان طرفي النزاع يتفقان على الحقوق اللازمة للتصالح وما لهم وما عليهم من التزامات بمستوى متساوي دون غبن او انتهاك (بالتراضي) بينهم مع الاتفاق بينهم على اختيار الوسيط او الموفق القضائي ويمكن ان يحصل ذلك في أي مرحلة من مراحل الدعوى ومباشرة الإجراءات الإدارية في القضية على ان لا ينص القانون بخلاف ذلك وان يكون الاتفاق الصلحي القضائي مكتوب لا شفهي وموقع من الأطراف الخصوم او من يمثلهم قانونا مع الاتفاق على التكاليف للتصالح ومستحقات الممثلين أيضا والوسطاء او الموفقين القضائيين ولا يجوز ابرام اتفاقية التصالح بخلاف موضوع الدعوى المعروضة امام المحكمة او يتضمن الاتفاق الصلحي تغيير لجوهر القضية او فيه انتهاك لحقوق الاخرين، وفي الواقع ان مثل هذه الاحكام القانونية انما تعبر عن جانب إيجابي وفعال لتجنب النزاعات القضائية الإدارية واستمرارها ويخفف العب في نظر الدعاوى على المحكمة وتعزيز الثقة في العلاقة القانونية الإدارية بين الجهات الإدارية والافراد على حد سواء، ونتمنى بل ونقترح على المشرع الإداري العراقي السير بهذا الاتجاه كما هو الحال في التشريعات الإدارية الروسية ولا نرى ضرر في ذلك المسلك بل على العكس من ذلك سيساهم وسيساعد هذا النهج في تحقيق الفائدة الإيجابية للنهوض بواقع العلاقة القانونية الإدارية في العراق وتطورها تحقيقا للعدالة القانونية الإدارية الاجتماعية… تم بتوفيق من الله تعالى…