تدريسي من كلية القانون والعلوم السياسية يصدر كتابا بعنوان (اثار عقد الفاكتورينغ)
صدر للتدريسي في كلية القانون والعلوم السياسية م.م.مصطفى تركي حومد كتابا بعنوان (اثار عقد الفاكتورينغ – عقد شراء الديون التجارية ) دراسة مقارنة بحث فيه الكاتب مشكلة تحصيل الديون التجارية التي تعد أحد عوامل تعثر المنشآت التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم والتجار على حدٍ سواء، الأمر الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني، وما يلاحظ بهذا الصدد ان التجارة باعتبارها نشاطاً اقتصادياً وقانونياً أخذت تستحوذ على جانب كبير من التعامل القانوني.
إن أهم ما يثير مخاوف وقلق البائعين وأصحاب المشاريع هو تخلف المشترين عن الوفاء في آجال الاستحقاق، بسبب إعسارهم أو إفلاسهم أو تعنتهم بغير وجه حق، صحيح أن البائع ينبغي عليه دراسة الوضع المالي لمَدينَهُ قبل التعامل معه، وأن يحتاط ويأخذ من الضمانات ما يجنبه خطر تخلفه عن الوفاء، إلا أنه في غالب الأحيان، لا يمتلك الوسائل التي تمكنه من تحقيق ذلك، كما أن الدائن لا يمكن أن يكون بمنأى عن المدين حسن النية الذي يتعرض لصعوبات مالية غير متوقعة.
ولو قلنا بإمكانية الدائن (البائع) تأمين وفاء المدين وتيقنه بحصول ذلك الوفاء، هذا يعني أن على الدائن أن ينتظر أجل الاستحقاق، في وقت تكون منشآته التجارية بأمس الحاجة إلى السيولة النقدية، لغرض الوفاء بالتزاماته تجاه الغير، والقيام بأعمال تجارية أخرى، وتطوير نشاطه التجاري.
وبسبب هذه العقبات التي تواجه الدائن (بائع- منشآت تجارية)، بَزَغَ نوع من المعاملات التجارية في صيغة عقد تجاري، تواكب مصلحة الدائنين، وتلبي طموحهم وذلك من خلال إمدادهم بالسيولة النقدية، وأطلق على هذه العملية عقد الفاكتورينغ (عقد شراء الديون التجارية)، أو عقد خصم الديون دون حق الرجوع.
وفكرة هذا العقد بشكله الجلي، هو أن يعطي أحد التجار أو الصناعين تسهيلات بالدفع لزبائنه، تشجيعاً لهم في سبيل شراء بضائعه، لقاء سندات أو فواتير يوقعها الزبائن (المشترون) لمصلحته بعد تحديد مواعيد الاستحقاق، فيقوم ذلك التاجر بعرض ما تجمع لديه من سندات أو فواتير غير مستحقة الأداء لعدم حلول آجال استحقاقها على شركة أو بنك تنظم وترعى عملية الفاكتورينغ، مخولة قانوناً للقيام بهذه العملية، ومتخصصة في هذا النوع من العمليات، فتقوم هذه الشركة بدراسة الملف المقدم إليها من زبونها (الدائن)، ثم توقع معه عقداً تلتزم بموجبه بدفع قيمة الديون التي تمثلها السندات أو الفواتير ثم يتنازل الدائن عن ديونه للشركة، ويلتزم بدفع عمولة المؤسسة نتيجة انتظارها حلول ميعاد الاستحقاق ثم تشرع بمطالبة المدين بقيمة الديون بعد تقديم المستندات والفواتير.
إن النظريات التي طُرحت لتحديد الطبيعة القانونية التي يمكن إسناد عملية الفاكتورينغ إليها، هي نظريات تمثل بعض قواعد القانون المدني والقانون التجاري، كنظرية حوالة الحق، ونظرية الوكالة، ونظرية تجديد الدين، ونظرية خصم الأوراق التجارية، ونظرية الحلول الاتفاقي (الحلول مع الوفاء).
تبين وفق هذه الدراسة إن الأساس الذي يمكن ان تستند إليه الشركة أو المؤسسة المالية في عملية حلولها محل الدائن، هي نظرية الحلول الاتفاقي (الحلول مع الوفاء)، والتي نص عليها أحكام القانون المدني العراقي بنص المادة (380)، فهي النظرية الأكثر ملائمة لعملية الفاكتورينغ؛ كون الآثار التي تترتب على عملية الفاكتورينغ هي ذات الآثار المترتبة في عملية الحلول، حيث أن المؤسسة المالية ليس لها وفقاً لعملية الحلول أكثر مما كان للدائن القديم، وهذا ما عبر عنه المشرع العراقي بقوله : ( ويكون هذا الحلول بالقدر الذي أداه من حل محل الدائن)
إضافة إلى أن عملية الحلول تخلو من المضاربة المحرمة وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، بخلاف حوالة الحق التي غالباً ما تقترن بالمضاربة غير الجائزة شرعاً، إذ أن المحال له (المؤسسة المالية) وفقاً لقواعد حوالة الحق تستطيع أن تشتري الحق بأقل من قيمته وتُطالب بقيمته كاملةً، وهذا ما لا يمكن قوله في عملية الحلول؛ كون المؤسسة تطالب بما دفعته فقط للمدين.