كتابة العرائض في العراق
بين التصور النمطي والتنظيم القانوني
م. عبدالباسط عبدالرحيم عباس
يعتقد البعض ان بإمكان أي شخص ان يتخذ لنفسه حرفة كتابة العرائض امام المحاكم والدوائر الحكومية ، بالكيفية التي يراها مناسبة له ،دون الخضوع لتنظيم قانوني معين. وربما يكون هذا الاعتقاد مبنيا على المشاهدات اليومية لواقع (كتاب العرائض) ، الذي يتسم بالعبثية من حيث الكثرة العددية او الاماكن التي يتخذونها لمزاولة اعمالهم والموزعة ما بين مداخل المحاكم والدوائر ومكاتب الاستنساخ والمقاهي القريبة ،فضلا عن تباين الاجرة ما بين كاتب عرائض واخر .
وعليه وجدنا من المناسب تسليط الضوء على الاطار القانوني الذي ينظم مزاولة حرفة كتابة العرائض في العراق ، ونفض الغبار عن قوانين اصبحت في طي النسيان على الرغم من الحاجة الماسة الى اعادة تفعيلها. فالمصلحة العامة تستوجب اخضاع كتاب العرائض الى اصول وقواعد معينة لممارسة حرفتهم وتنظيم شؤونهم وعلاقاتهم بالدوائر الرسمية وشبه الرسمية وتعيين واجباتهم لتسهيل مصالح ذوي العلاقة والحفاظ على حقوقهم ، وهو ما فطن اليه المشرع العراقي ،من خلال تشريعه " قانون كتاب العرائض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية رقم (135) لسنة 1971".والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2049) في 28/9/1971، والنافذ حاليا.
ويقصد بكاتب العرائض وفقا للمادة الاولى من القانون اعلاه، هو " من اتخذ كتابة العرائض حرفة معتادة له لقاء اجرة سواء كتبها بخط يده او بالة كاتبة او اعاد كتابة او طباعة ما نظم سواه". وان المقصود بكتابة العرائض هي " تحرير العرائض وتنظيم البيانات والاستمارات وما يماثلها وما يتفرع عن ذلك".
وينبغي على كل كاتب عرائض الحصول على اجازة تبيح له مزاولة حرفته في منطقة معينة او في مجال دائرة معينة( م 2). وتمنح اجازة كتابة العرائض بطلب تحريري يقدم الى المحكمة لمن تتوفر فيه الشروط التالية : –
1 – ان يكون عراقي الجنسية او من رعايا الدول العربية.
2 – يتمتع بالأهلية القانونية واكمل الثامنة عشرة من عمره.
3 – غير محكوم عليه بجناية غير سياسية او بجنحة مخلة بالشرف الا اذا رد اعتباره.
4 – ان يكون من خريجي الدراسة الابتدائية على الاقل او يجتاز امتحانا تجريه المحكمة لا ثبات اتقانه الكتابة والقراءة بشكل يؤهله لممارسة الحرفة المذكورة.(م3)
ولمحكمة البداءة التي يمارس كاتب العرائض عمله ضمن منطقة صلاحيتها منح الاجازة ابتداء او تجديدها ولها تحديد ممارسة الحرفة في منطقة معينة كما لها تحديد عدد الاجازات الممنوحة لكتاب العرائض في كل منطقة حسب سعة الاعمال فيها ويتم هذا التحديد بعد استطلاع راي الدوائر ذات العلاقة في منطقة العمل.(م 4/1)، وعند رفض منح الاجازة او تجديدها يجب ان يكون القرار الصادر بذلك مسببا ويحق لطالب الاجازة او تجديدها الاعتراض على هذا القرار خلال مدة خمسة عشر يوما من تاريخ تبلغه لدى محكمة الاستئناف التي تقع في منطقة اختصاصها المحكمة التي اصدرت القرار. ولمحكمة الاستئناف تدقيق القرار المعترض عليه واصدار قرارها بتصديقه او تعديله او الغائه ويكون قرارها بهذا الشأن قطيعا(م 4/5).
واذا رغب كاتب العرائض في ترك حرفته فعليه ان يقدم بذلك طلبا تحريريا الى المحكمة التي منحته الاجازة وتعتبر اجازته منتهية من تاريخ تقديمه الطلب او التاريخ الذي يعينه فيه ويؤشر ذلك في السجل الخاص .(م 6/1) ، وعند انتقال كاتب العرائض الى منطقة اخرى تعتبر اجازته ملغاة ويجب عليه ان يحصل على غيرها من المحكمة في المنطقة التي انتقل اليها( م6/2).
ولا يجوز لكاتب العرائض ان يشترك كخبير او كشاهد او عضوا في لجنة تقدير لدى الدوائر الرسمية وشبه الرسمية التي يعمل في مجالها لمصلحة من قام بتنظيم العريضة او البيان او الاستمارة له. كمالا يجوز لكاتب العرائض تعقيب انجاز طلب صاحب العريضة او البيان او الاستمارة او ما يماثل ذلك لدى الدوائر الرسمية وشبه الرسمية التي يعمل في مجالها .(م 8).
وفي حال اذا خالف كاتب العرائض احكام هذا القانون فللمحكمة التي منحته الاجازة بناء على تقرير تقدمه احدى الدوائر او شكوى يرفعها اصحاب العلاقة على كاتب العرائض علاوة على ما يترتب على فعله من مسؤولية قانونية ان تقرر ما يلي : –
ا – سحب اجازته بصورة مؤقتة تتناسب مع المخالفة على ان لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة.
ب – سحب اجازته عند تكرار المخالفات او عند خطورتها بصورة نهائية. وفي جميع الاحوال المتقدمة ينبغي اشعار الجهات المختصة بذلك.(م 9/1). على ان يكون القرار المتخذ قابلا للاعتراض عليه امام محكمة الاستئناف(م 9/2).
وعلى الرغم من التفاصيل التي تضمنها ( قانون كتاب العرائض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية رقم (135) لسنة 1971)و(تعليمات كتاب العرائض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية رقم (1) لسنة 1972)، الا اننا لم نلاحظ وجود أية ضوابط لتحديد الاجر الذي يتقاضاه كتاب العرائض، ومع ذلك نلتمس من رئاسات الاستئناف اخذ دورها في تفعيل هذا القانون تحقيقا للاسباب الموجبة التي دعت الى تشريعه.