(ازدياد حالات الطلاق والتفريق وسبل الحد منها)
م.م صخر احمد نصيف
ان الزواج الذي يعد من اهم اركان المجتمع ورابطة انسانية الهية حيث ذكر في كتاب الله الكريم (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا) صدق الله العظيم فهذه الرابطة المهمة لايمكن ان يتم احصاء دورها واهميتها فهي اصل الوجود وادامة الانسانية بشكل يرضي الله ويديم الالفة بين الاسر وينمي مسؤوليتها ,ويشد اواصر المجتمع فهو يوجد القرابة وتعارف المجتمع وتنميته ,فهو يرتقي بمسؤولية الانسان , فيكون انتقال مسؤولية الشخص الذي يعنى بذاته الى مسؤولية الاسرة التي تضم الاطفال والزوجة ,وتتولد مسؤوليات جديدة لكل فرد من افراد الاسرة , فالزواج اذن امر لا يمكن اغفال الاهتمام به ووضع حلول للمشاكل التي تواجه هذا التنظيم الالهي للمجتمع .
ان التفكير في ايجاد حلول واقعية للمشاكل التي تواجه الحياة الزوجية ضرورة انسانية , فهذه المشاكل توصل في نهاية المطاف الى الطلاق الذي يتسبب بانهيار الزواج وانتهائه ,وهذا الاخير يخلف ورائه العديد من المشكلات ليس فقط في مضمار انفصال الزوجين فحسب بل يتعدى ذلك الى تاثيره على الاطفال الذين ستتقطع بهم السبل وتنحصر في خيارين من اصعب الخيارات التي تكون بين الاب والام الذي يوجد رواسب نفسية سيئة عند الاطفال ,ناهيك عن نشاءة الاطفال بلا اب او ام وما ينتج عن ذلك من عواقب تنصب تاثيراتها علىهم في المستقبل ,وتاثير ذلك الطلاق على المجتمع حيث يؤدي بالضرورة الى مشكلات بين عوائل الزوجين الذين كنا نعول على الزواج في التقريب فيما بينهم وايجاد القرابة والالفة بينهم وهذا من ناحية اجتماعية.
فحلول المشاكل التي تؤدي الى انهيار الحياة الاسرية وتنتج انحلال الزواج تفرد الى شكلين ,الاول منها يتحور في اهل الزوجين وبيئتهم الاجتماعية , والاخر يتعلق بالاجراءات التي تنظم الزواج والطلاق متمثلة في القوانين , فالشكل الاول يتعلق بالاسرة والبيئة التي يعيش فيها الزوجين , وهذا اهم من غيره لان الاجراءات القانونية تكون بعد ان تطرق المشكلة بين الزوجين ابواب المحاكم,فهنا تكون مسؤولية محيط الزوجين واقاربهم في محاولة احتواء الزوجين وتلافي الخلاف بينهما ,والسعي بجد للاصلاح بينهما بود ورحمة ,وعدم ترك الخلاف والمشاكل التي بينهم تستحكم وتصل بهم الى المحاكم ,فيكونون عامل ايجابي ينهي النزاع وليس عامل سلبي يزيد من الخلاف ويصل بالزوجين الى الطلاق , وهذا بالتاكيد يتطلب ثقافة ومعرفة ودراية باحوال الزواج وطبيعة الحياة الانسانية والمجتمع والمغزا من الزواج وعواقب انحلال الزواج ,وهذا الامر بالتاكيد نسبي لايمكن توفره في جميع الحالات فيتوجب على المحاكم حينها النظر في الامر .
,ومن ناحية قانونية كانت التشريعات منتبهة لهذا الامر عند سن القوانين التي تتولى تنظيم التفريق بين الزوجين ,فالطلاق يرفع قيد الزواج حين يقع من احد الزوجين او في حال فوضوا به احد او ان وقع من القضاء وفق الصيغ المحددة شرعاً, وهنا نجد تحديداً من يقع منهما الطلاق وبالصيغ المحددة كذلك تحديد حالات التفويض من حيث الاشخاص وعدد الطلقات التي يوقعها المفوض كذلك الحالات التي لايقع فيها الطلاق, وهذا كله ضوابط لايقاع الطلاق ولاننسى الشروط المرتبطة بالطلاق ,وكل ذلك يتفق مع نص المادة (34) من قانون الاحوال الشخصية العراقي , وهذا يجعل من الصعوبة بمكان ان يقع الطلاق ان لم يستوف احد الشروط, واذا نقر بان للطلاق ضرورة كونه يحفظ الهدف الرئيسي من اقرار الزواج التي منها انشاء حياة يسودها الاستقرار والالفة بعيد عن الضغينة والمشاكل والمنغصات, ولم ننسى مشروعية الطلاق من الكتاب الكريم والسنة النبوية المشرفة والاجماع , الا اننا نريد ان نسلط الضوء على الحالات التي تسبب انحلال الزواج وايجاد حل لها ,فالحياة الزوجية التي توشك على الانحلال قد يكون حل سبب الخلاف بسيط لعدم المام الزوجين بسبل الحل ,او عدم وجود من يستطيع ان يوفق بينهما ,وقد يؤدي اهمال الحالات التي يرجى ان يدب فيها الصلح وترجع الى الحالة التي كانوا عليها قبل نشوب الخلاف وافضل الى نكسة وخسارة كبيرة تلم بالزوجين واطفالهم والمجتمع ايضاً , فينبغي على الزوجين ان يرتقوا بالتفكير ,وان ينظروا الى السبب الاسمى الذي من اجله ارتبطوا بالحياة الزوجية فالاسرة المستقرة تكون مجلبة للسعادة والاستقرار , فتكوين الاسرة والاطفال والاستقرار بحياة كريمة يجب ان يضل نصب عين الزوجين قبل اللجوء الى الطلاق ,وتقع مسؤولية الاباء هنا والاقارب كما اوضحنا وحتى الاصدقاء في ابداء النصح الصحيح الذي لا يبدد الاهداف المهمة للزواج وعواقب الطلاق.
اما بالنسبة للتفريق الذي يقع بقرار من القضاء فهذا الاخير يتحقق اذا ما تحققت امور عدها المشرع, فمنها التفريق للضرر, والتفريق للخلاف ,بعد الزوج ومفاقته لزوجته ومرضه مبرراً لاحد الزوجين او كلاهما ان يوقع القاضي التفريق بين الزوجين ,ونعرج هنا لنقول ان للقاضي دور في ايقاع الصلح بين الزوجين , ولمكاتب البحث الاجتماعي الذين يتدارسون احوال الزوجين لغرض الاحصاء ومحاولة التفريق بين الزوجين دور في ذلك ,الا ان اهم تلك الاجراءات التي نص عليها القران الكريم بقوله جل جلاله (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها ان يريدا اصلحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليماً خبيرا) صدق الله العظيم , ونصت على ذلك مذاهب الفقه الاسلامي التي اعطى جانب منها للحكمين صلاحيات واسعة في ايقاع الصلح بين الزوجين , ووصل الحال في بعض مذاهب الفقه الاسلامي الى منح الحكمين صلاحية التفريق بين الزوجين دون الرجوع الى القاضي والزوجين معاً اذا تعذر الاصلاح,وجانب اوجز عمل المحكمين على الاصلاح بين الزوجين فحسب, وهذا الاخير الذي نص عليه قانون الاحوال الشخصية العراقي في المادة (41) منه وجعل عمل الحكمين للإصلاح دون التفريق , وهنا نقول ونقترح ان للتحكيم بين الزوجين دور عظيم لكن هناك تجاهل واضح لدوره الفعال , فنقول يجب ان يكون للحكمين مكان في المحاكم ومكاتب خاصة بهم ,فيتعين الحكمين ممن يتخبهم الزوجين او ممن تعينهم المحكمة او هذه المكاتب ,او عند تعذر تسمية الاطراف للحكمين, فيكونا من اهل المعرفة والدراية بحال الزوجين وليسا من المحامين , ومن الشخصيات التي يكون لكلامهما وقع في نفوس الزوجين ,وان لا يكونا من محدثي الخلاف بين الزوجين والحاثين عليه,و يجب ان يتدارس القاضي والمكاتب الخاصة بالمحكمين حال الحكمين وتقصي رغبة الصلح لديهم ومودتهم لكلا الطرفين وامكانيتهم لايقاع الصلح بين الزوجين ,وتكون لهم دوائر في المحاكم , واخرى مكاتب استشارية تنظم رجوع الزوجين لهما حتى قبل اللجوء الى المحاكم, وذلك لان وصول النزاع الى المحاكم قد يؤثر في نفوس الزوجين وفي امكانية رجوعهم الى ما كانا عليه قبل الخلاف والنزاع ,وان يكون عمل الحكمين قبل وقوع الطلاق وحتى في انواع التفريق القضائي كالتفريق للضرر وان لايقتصر عمل التحكيم على التفريق للخلاف فحسب وحالات المادة (42) من قانون الاحوال الشخصية, وهذا المقترحات ان تم الاخذ بها فانها بالضرورة ستعود بأثار ايجابية الحد من حالات الفرقة بين الزوجين والطلاق التي استشرت في ارض الواقع .