إزدواج الجنسية في العراق
Raghadabed333@gmail.com م. د. رغد عبد الامير مظلوم
تعد مشكلة ازدواج الجنسية او كما يسميها البعض بتعدد الجنسيات في العراق اليوم من اكثر مشكلات الجنسية شيوعا على المستوى العملي . وقد يتسأل البعض من هو مزدوج الجنسية ؟ هو ذلك الشخص الذي يحمل جنسية دولتين او اكثر في نفس الوقت ، وكل دولة يحمل جنسيتها تعتبره من رعاياها . ويعود السبب من وراء ذلك لاعتبارات نابعة من ان الاصل للدولة لحرية في تنظيم امور جنسيتها ويعتبر هذا الاصل من المبادئ العامة المستقرة في القانون الدولي الخاص اي اصبح مبدأ عالمي تعتد به اغلب الدول عند تنظيم امور جنسيتها ، الا ان حريتها هذه لا يحدها الا بعض القيود القليلة مقارنة بالمبدأ العام المعترف لها به كأصل عام . مما قد يدفع بهذه الدول ومنها العراق الى وضع ضوابط واسس معينة لاكتساب الجنسية واستردادها بما يتناسب مع مصالحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
مما ادى الى بروز المشكلة التي تعد نشازا في الحياة العملية بالنسبة للمزدوج الجنسية وهي نتيجة منطقية لحرية الدولة في تنظيم امور جنسيتها وبما يتناسب مع مصالحها العليا . ومن ثم ، تعتبر هذه الظاهرة مخالفة واضحة مع الاتفاقية الدولية ومن بينها اتفاقية لاهاي لسنة 1930 والتي نصت على انه : " ان المثل الاعلى الذي يجب ان تتجه اليه البشرية في مادة الجنسية ، هي القضاء الكامل على ظاهرتي التعدد وانعدام الجنسية " .
ومن الملاحظ في العراق ان هذه المشكلة قد تفاقمت وبشكلا واضح بعد صدور قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 المعدل بالتعديل الاول لسنة 2017 اذ ان هذا الاخير قد شجع الى بروز هذه المشكلة ولاسيما من خلال النص الصريح فيه على عدة حالات لا يفقد العراقي الجنسية العراقية حتى ولو اكتسب جنسية دولة اخرى مالم يفصح عن ارادته بالفقدان بصورة صريحة وبطلب مقدم الى وزارة الداخلية ، وطالما العراقي مكتسب الجنسية الاجنبية لم يفصح عن ارادته بالفقدان يبقى حامل الجنسية العراقية والاجنبية في ان واحد ، وكذلك الحال بالنسبة للزوجة العراقية المتزوجة من اجنبي وكانت لها ارادة صريحة بأكتساب جنسية زوجها الاجنبي .
ان من اكثر الاسباب التي اضفت الصفة الشرعية على مشكلة ازدواج الجنسية في العراق هو ما نصت عليه المادة (18) الفقرة الرابعة من دستور جمهورية العراق على انه "يجوز تعدد الجنسية للعراقي ، وعلى من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا التخلي عن اية جنسية ، وينظم ذلك بقانون " وهذا النص المتقدم يدل على الاعتراف الصريح بجواز تعدد الجنسية العراقية .
ونحن نرى، ان تسمية هذه الظاهرة بالمشكلة هي الاكثر انسجاما مع حالة المزدوج الجنسية ، فهي مشكلة اكثر من كونها ظاهرة معترف بها على الصعيد الدولي وذلك لكون ان هذه الظاهرة تثير الكثير من المشكلات والتي تكون نتائجا الخطيرة على الشخص المزدوج فلا يستطيع التوفيق بين التزاماته و واجباته التي يتحملها لاكثر من دولة واحدة وكذلك قد يعاني مشكلات ادارية وقضائية في جميع النواحي . ورغم كل الجهود المبذولة على الصعيدين الدولي والداخلي للحد من هذه المشكلة من الصعب القضاء عليها نهائيا وان المعالجات هي مجرد معالجات للحد منها .