م.م صخر احمد نصيف
مما لاشك فيه ان خلق الانسان كان باحسن تقويم وهو صنع الله العزيز الجبار خالق كل شيء بقدر ، وهو الذي هدى البشرية إلى الخيار ان يكونوا بين شاكرا او كفورا ، فكل تصرف يوافق فطرة الانسان الصحيحة المنتجة المعطاءة تكون بآب للثناء واحتضان الشرع والقانون لها ، وبالاتجاه الاخر يكون من باب الرد والإبعاد وإيقاع الجزاء لكل تصرف يخالف طبيعة الاسلام ويكون مجلب للضرر لفاعله او ينتج عنه ضرر لغيره يجب ان يزال وفق مفهوم القاعدة الشرعية القانونية ( لاضرر ولا ضرار ) ، ولما كان ادمان المخدرات من الأفعال التي تلحق الضرر بصاحبها وتتعداه لغيره, فكان هناك تجريم لذلك الفعل في الشرع الاسلامي والقواعد الجزائية ، كونها من مذهبات العقل ومفسدات الرأي والاعتبار والتصرف ، لذا نص قانون الاحوال الشخصية العراقي بدوره على حق الزوجة في طلب التفريق القضائي من الزوج المدمن على المخدرات لاستحالة استمرار العشرة والحياة الزوجية ، فالزوج المدمن على المخدرات تهديد لاسرته ، فالإدمان اساس كل فعل محرم قد يرتكبه الزوج لكونه باب الدخول لافعال عديدة يحرمها الشرع ويجرمها القانون , فالنقاش الذي يعول عليه لاستدامة الحياة الزوجية بين الزوجين محكوم بالفشل في هذا المجال كونه غالب ماينتهي بعنف من قبل الزوج , فالتعاطي يسبب الشعور باليأس والضياع ، ولايمكن للزوج القيام بواجباته الزوجية ، وضياع جميع حقوق المرأة ، ويمكن ان يكون له مردود مروع في محاولة الزوج إقناع زوجته على تعاطي هذا الوباء ، وتقصيره المستمر في الإنفاق على المنزل ، والتفكك الأسري الذي قد يجعل الأبناء يسلكون مسلك والدهم في هذا الجانب ناهيك عن الأثر النفسي البالغ للعيش في بيئة يشوبها الغموض والمشاكل العديدة ، كل ذلك يهدد اصل الاسرة جراء تصرف الاب الذي يتعاطى المخدرات ، فقد يرتكب العديد من الجرائم ، او يقع بقبضة القانون ، فيكون قد عرض الاسرة إلى الانهيار ، كل ذلك دعا قانون الاحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المعدل إلى منح الزوجة حق طلب التفريق من زوجها المدمن على المخدرات وفق المادة (٤١) ف ١ ونصها ( إذا اضر احد الزوجين بالزوج الاخر … ويعتبر من قبيل الإضرار الادمان على تناول المسكرات او المخدرات ، على ان تثبت حالة الادمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة … ) ، وبعد مراجعة عدة مواد من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم ٥٠ لسنة ٢٠١٧ وبالأخص المادة ( ٣٣) والاستثناء الوارد ضمن المادة ( ٣٩) ، يمكن استعراض فكرة كون التفريق القضائي سببا يدعو الزوج إلى التخلص من هذا الادمان , فيكون الابقاء على الزوجية من ضمن الاسباب التي تمنعه من ذلك ، من خلال مبادرته للتخلص من هذا الداء ، والحفاض على أسرته, وان يبداء من جديد في تكوين اسرة منتجة تلائم فطرة الإسلام الصحيحة ، وتلائم المجتمع , وتحقق غايات الزواج , فيمارس الزوج فيها واجباته الشرعية بشكل سليم ليتناسب ذلك مع القواعد الشرعية والقانونية ، وجلب الخير للأسرة والمجتمع ، ليكون لدينا وازع ودافع ايجابي لتخليص مجتمعنا من هذه الافة السلوكية الفتاكة .