تدريسي في كلية القانون والعلوم السياسية ينشر مقالاً بعنوان (ملامح استملاك من نوع جديد في قرار مجلس الوزراء )رقم (١٦٩) لسنة (٢٠٢٢).
م.د محمود عادل محمود
اصدر مجلس الوزراء العراقي الموُّقر قراره المرقم (١٦٩) لسنة (٢٠٢٢) المتضمن: “السماح إلى الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات المخصّصة لها عقارات حكومية (اراضٍ أو مشيدات أو كليهما) باستغلال العقارات المذكورة لأغراضها بما فيه تشييد أبنية جديدة عليها أو ترميمها بما يؤمن حسن استخدامها دون الحاجة إلى موافقة الجهة المالكة ودون أن يشمل ذلك حق بيعها أو استثمارها”.
الباحث في هذا القرار يجد أنَّ مجلس الوزراء العراقي الموُّقر ولاعتبارات عملية، أجاز للوزارات وللجهات الأخرى غير المرتبطة بوزارة وكذلك المحافظات تشييد الأبنية على الأراضي الحكومية المخصّصة لها بموافقة أو حتى بدون موافقة الجهة المالكة.
ويعتبر هذا القرار استثناء على الأصل المتضمن عدم السماح بتشييد أيّ بناء على ملك الغير بدون استحصال موافقته المسبقة، فالقانون المدني اعتبر في المادة (١١١٩) أنَّ من يقوم بتشييد بناء أو غراس أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضا صاحبها، سيء النية، واتخذ حياله موقف المتشدّد، بحيث وضع الخيار لصاحب الأرض بأن يطلب مِمَنْ قام بالتشييد بقلع المحدثات على نفقة من أحدثها ما لمْ يكنْ القلع مضراً بالأرض، فإذا كان كذلك، كان له – صاحب الأرض – تملُك المحدثات بقيمتها مستحقة القلع.
ولكن ما هيَّ ملاح الاستملاك في قرار مجلس الوزراء رقم (١٦٩) لسنة (٢٠٢٢)، وما علاقة القانون المدني بكل ما سبق؟
نصَّت المادة (١١٢٠) من القانون المدني العراقي على أنَّه “إذا أحدث شخص بناءً أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض مملوكة لغيره بزعم سبّب شرعي، فإن كانت قيمة المحدثات قائمة أكثر من قيمة الأرض، كان للمحدث أن يمتلك الأرض بثمن مثلها، وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات، كان لصاحب الأرض أن يمتلكها بقيمتها قائمة”.
ومن مطالعة وتحليل هذا النص، نجد أنَّ المشرع العراقي جعل من الالتصاق (بفعل الانسان) سبّباً من أسباب كسب الملكية للأسباب الواردة في هذه المادة. وبربط هذا التحليل بما وردَ في قرار مجلس الوزراء رقم (١٦٩) لسنة (٢٠٢٢)، نجد أنَّه بإمكان الوزارات والجهات الأخرى الحكومية الّتي قامت بتشييد مباني بمواد من عندها على أراضي تعود إلى وزارة أو جهة أخرى حكومية تملُك هذه الأراضي في حال كانت قيمة البناء أكثر من قيمة الأرض المُشيّد عليها هذا البناء. ويسري هذا الحكم سواء حصلت موافقة الجهة صاحبة الأرض على التملُك أم لمْ تحصلْ، إذ أنَّ سماح مجلس الوزراء العراقي الموُّقر التشييد على الأراضي الحكومية من قبل جهة أخرى حكومية (بموافقة أو بدون موافقة) يعتبر سبّباً شرعياً يجيز للجهة الّتي قامت بالتشييد تملُك هذه الأراضي عن طريق (الالتصاق)، وهو ما نعتبره نوعاً جديداً من انوع الاستملاك لمْ نعهدهْ في قانون الاستملاك رقم (١٢) لسنة (١٩٨٢)، وفي حال عدم اقتناع الجهة صاحبة الأرض على ما سبق، يحق لها إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة المدنية، ويقتصر دور القضاء فيما سبق على تدقيق تحقّق الشروط الواردة في المادة (١١٢٠) من القانون المدني الّتي سبق ذكرها.