سريان القوانين المحددة الفترة ( القوانين المؤقتة)
م.م نجاح إبراهيم سبع
يراد بالقوانين المحددة الفترة او (القوانين المؤقتة) كما يسميها البعض، هي تلك القوانين التي يحدد المشرع نفاذها بأجل معين. فقد تستدعي ظروف خاصة كحالة انتشار وباء مثلا، سن بعض القوانين وتنفيذها فترة معينة هي فترة انتشار هذا الوباء، فتصدر هذه القوانين، اما لتشديده عقوبة كانت في ظل القانون القديم اخف، او لاعتبار الفعل المباح سابقا جريمة يعاقب عليها القانون.
فلا بد من معرفة مسألة إذا ما انقضى الاجل المحدد لنفاذ القانون المؤقت وعاد سلطان القانون السابق له الاخف وبقيت جرائم ارتكبت في ظل القانون المؤقت الاشد دون ان تقام الدعوى الجزائية فيها او اقيمت دون ان تنتهي المحاكمة، فهل يطبق فيها القانون الاشد (المؤقت) الملغى الذي وقعت الجريمة في ظله ؟، ام يطبق فيها القانون الاخف الذي استعاد سلطانه بعد انتهاء فترة نفاذ القانون المؤقت الاشد؟، وذلك تطبيقا لمبدأ رجعية القانون الجنائي الاصلح للمتهم على الماضي.
ان القوانين المحددة الفترة (المؤقتة) تعتبر استثناء على الاستثناء: ويعني ذلك أنه يمتنع تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي إذا كان يبيح فعلا او يخفف عقوبة على الجرائم التي ارتكبت في ظل القانون المحدد الفترة(المؤقت)، ولا يستفيد الفاعل من زوال فترة القانون المؤقت بصدور قانون جديد أصلح له حتى وان لم يصدر حكم نهائي في الدعوى.
ويتفق الفقه والقضاء على أن القوانين المحددة الفترة ( المؤقتة) تسري على الأفعال التي ترتكب وقت نفاذها حتى ولو صدر قانون جديد وكان هذا القانون هو أصلح للمتهم.
ونصت بعض القوانين الجزائية الحديثة على هذا الاستثناء، ومنها قانون العقوبات العراقي رقم (١١١لسنة ١٩٦٩) حيث نصت (المادة الثالثة) بأنه : (اذا صدر قانون بتجريم فعل او بتشديد العقوبة المقررة له وكان ذلك في فترة محددة فان انتهاء هذه الفترة لا يحول دون تنفيذ العقوبة المحكوم بها ولا يمنع من إقامة الدعوى على ما وقع من جرائم في خلالها).
وترجع الحكمة من من عدم تطبيق هذه القاعدة (القانون الأصلح للمتهم) إلى أن القوانين المؤقتة توضع لمواجهة ظروف معينة يقدر المشرع أن يخصها بسياسة جنائية معينة خلال فترة محددة تلغي بعدها تلك القوانين.والقول بمرجعية القانون الأصلح الجديد على الأفعال التي ارتكبت في ظل القانون المؤقت يؤدي إلى تفويت الغرض الذي وضعت من أجله. فيعتبر دون شك أن من ارتكب فعلا خالف به القانون أثناء فترة العمل به قد اعتدى بغير شك على المجتمع وهو يجتاز هذه الظروف، فهو لذلك يظل جديرا بالعقاب ولو انقضت بعد فعله هذه الظروف وزال القانون نفسه. فاذا صدر قانون يحظر على سكان منطقة مغادرتها لانتشار وباء فيها، وحدد الشارع فترة العمل بهذا القانون ب (شهر ونصف) مثلا، وهي المدة التي قدر القضاء على الوباء خلالها. فمن يخالف هذا القانون يضر دون شك بالمجتمع، وهذا الضرر لا ينتفي بانقضاء المدة السابقة وزوال خطر الوباء.