مجلس العقد الإلكتروني
يقصد بمجلس العقد بشكل عام بأنَّه: انشغال راغبي التعاقد بإبرام العقد، والذي خلاله يكون الإيجاب صالحاً لاقتران القبول به.
ويختلف المجلس المذكور آنفاً، باختلاف حالة المتعاقدين، فإذا اجتمعاً حقيقةً كان المجلس حينها حقيقيّاً، وإذا لم يجتمعا بالصوُّرة آنفة الذكر (كأن يكون اجتماع المتعاقدين عن طريق الوسائل الإلكترونيَّة) كان حينها هذا المجلس، حكميّاً.
وعلى ذلك، إذا اجتمعا المتعاقدين في مجلس واحد، بحيث لم يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل زمني، كان التعاقد تعاقد ما بين حاضرين، أما إذا لم يجتمعا في ذات المجلس، وفصل بين إرادتهما نحو التعاقد فاصل زمني، كان التعاقد حينها تعاقد بين غائبين.
ويثار السؤال في هذا الصدد، عن طبيعة التعاقد الذي يكون عن طريق شبكة المعلومات الدوليَّة (الإنترنت)، فهل هو تعاقد ما بين حاضرين أم غائبين؟
أشارت المادة (88) من القانون المدني العراقي إلى أنَّه: "يعتبر التعاقد (بالتليفون) أو بأية طريقة مماثلة كأنَّه تم بين حاضرين فيما يتعلق بالزمان، وبين غائبين فيما يتعلق بالمكان".
من مطالعة وتحليل النص المتقدِّم، يُفهم أنَّ المشرع العراقي، وضع قاعدة عامَّة لطبيعة التعاقد عن طريق الوسائل اللاسلكيَّة، حيث أشار إلى أنَّ التعاقد عن طريق (التلفون) أو أيّ وسيلة أخرى مماثلة، هو تعاقد ما بين حاضرين من حيث الزمان، وغائبين من حيث المكان، ما يعني أنَّ الحكم ذاته يسري على التعاقد الذي يجري عن طريق المراسلة الصوتيَّة (Voice Call)، والمراسلة المصورة (Video call)، والمراسلة الكتابيَّة الفوريَّة (Chat)، وغيرها من الوسائل التي تحصل في إطار المستوعبات الإلكترونيَّة، والتي – من خلالها – لا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل زمني.
غير أنَّ ما تجب الإشارة إليه في هذا المجال، أنَّ التعاقد عن طريق البريد الإلكتروني الذي يستغرق الإيجاب حيناً من الزمن للوصل إلى الطرف الأخر، والحال نفسه بالنسبة للقبول، لا تنطبق عليه القاعدة السابقة، إنما يعتبر تعاقد ما بين غائبين؛ نظراً لوجود فاصل زمني بين الإيجاب والقبول.
Mahmoud.adil@law.uodiyala.edu.iq م.م محمود عادل محمود